23 نوفمبر 2023
لمن لا يعرف الإستراتيجية ببساطة هي خطة طويلة الأمد للوصول إلى هدف ما، وتُعد مهارةً لازمةً لتحقيق النجاح في الحرب، أو السياسة، أو الأعمال، وغيرها .
وقد طرحت الولايات المتحدة الأمريكية ،في بداية التسعينيات، وبعد انهيار النظام السوفيتي مجموعة أفكار وأسس نظمها على أساس أنها النظام العالمي الجديد القائم على ما يسمونه الديمقراطية وحقوق الإنسان،
والانفتاح على العالم الحر تحت مبررات فكرية وإيديولوجية شمولية ،وفرض الهيمنة الأمريكية على مناطق حيوية خاصة العالم العربي،
إذ تم بعد مؤتمر مدريد أتباع منهجية خطيرة بهدف إضعاف قوة العرب السياسية والاقتصادية والثقافية وقدرتهم الدفاعية والتبشير بنظام الشرق الأوسط كنظام إقليمي يكون فيه لإسرائيل دور مركزي،
ومحاولة فعلية لتهميش الدور العربي الإقليمي وتبديد مصادر قوته الحقيقة.
كما سعت الإدارة الأمريكية كزعيمة لذلك النظام من تفكيك بعض الدول العربية مستخدمة العديد من الاستراتجيات،
والتي كانت تمثل ضرورة ملحة حتى تتمكن من فرض سيطرتها علي العالم بشكل عام والدول العربية بشكل خاص،
معتمدة في ذلك علي العديد من الآليات أولها الإعلام الذي لعب دور كبير في تسويق صور لا علاقة لها بالواقع منها مثلا أنها دوله الحريات وحقوق الإنسان،
هذا في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني إلي حملة إبادة علي مرئي ومسمع العالم.
وليتأكد للجميع إن الشعارات التي تتغني بها أمريكا ما هي إلا إستراتيجية للضغط علي الدول للتحقيق ما يحلو لها،
ولم يقتصر دور الإعلام الأمريكي وأتباعه من وسائل الإعلام الغربية علي ذلك بل تطرقت الأمور إلي ما هو أخطر والممثل في عدة نقاط،
أولها رسم صورة ذهنية للولايات المتحدة الأمريكية علي أنها الدولة التي لا تقهر،
والسؤال ماذا فعلت أمريكا في أفغانستان وماذا فعلت أمريكا في فيتنام صاحبة الاقتصاد الأقوى؟!،
نعم مع العلم إن الأموال الأمريكية والاقتصاد الأعظم قائم بشكل كبير علي الأموال العربية بعدما نجحت أمريكا من جعله سوق مفتوح للسلع الاستهلاكية الأمريكية الصنع،
بل والعمل علي قتل كل ما هو عربي الصنع لتصبح الشعوب العربية خاضعة خانعة ولما لا وهي لا تستطيع إنتاج غذائها ودواءها لتستولي أمريكا ودول الغرب علي الأموال العربية بشكل مباشر،
وهذا بوضع مليارات الدولارات العربية في البنوك الأمريكية وبشكل غير مباشر عن طريق تسويق سلعها الاستهلاكية في الأسواق العربية.
ثانيا، تأجيج الصراعات بين الدول العربية بعضها البعض تارة وبين الشعوب وحكوماتها تارة أخري،
ويعتبر تأجيج الصراعات من الاستراتجيات التي باتت معروفة والمدعومة بشكل كبير من العديد من الدول الغربية لتفكيك الدول العربية علي أساس طائفي وديني،
وهو ما عرف مؤخرا بأسم «الربيع العربي» الذي ندفع ثمنه جميعا كعرب الآن،
ويكفي الرجوع إلى كلمة ديفيد بن غوريون «قوتنا ليست في سلاحنا النووي بل في تدمير وتفتيت ثلاث دول كبرى حولنا العراق – سوريا ومصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر».
وهو ما تم بالفعل فقد سقطت العراق ولحقت بها سوريا، ولم تتخلف اليمن وليبيا .
المؤامرة كبيرة والمخطط مستمر والاستراتجيات تستحدث كل يوم حسب المعطيات المطروحة علينا العودة إلي عروبتنا والتخلي عن التابعة،
فأمريكا ليس لها أصدقاء أمريكا لها مصالح فقط.