قد نتعلّم بأن المجتمع يتألف من مجموعةِ اشخاصٍ يتشاركون العادات نفسها و اللغة نفسها و الثقافة نفسها لكن هؤلاء الأشخاص قد تتعدّد طرق تفكيرهم و تصرّفهم فكما علمهم اهلهم ثقافة مجتمعهم و عاداته
08 اكتوبر 2023
قد نتعلّم بأن المجتمع يتألف من مجموعةِ اشخاصٍ يتشاركون العادات نفسها و اللغة نفسها و الثقافة نفسها لكن هؤلاء الأشخاص قد تتعدّد طرق تفكيرهم و تصرّفهم فكما علمهم اهلهم ثقافة مجتمعهم و عاداته ، علّموهم ايضاً على التصرّف في المجتمع ، و وُرثوا منهم شخصية و تصرفاتٍ و آراء ، فسمات الشخصية قد تكون موروثة ، فيتناقلها الأبناء من والديهم ... فكما دُرّسوا على المبادئ و كيفية تطبيقها ، تأثروا بأفعالٍ سلبيةٍ فعلها والديهم فشاهدوها ، التقطوها ، فطبقّوها و اصبحت جزءاً من شخصيتهم ... و لذلك نرى دوماً بأن المشكلات الاجتماعية تتفاقم و ليس هذا بسبب الانسان عينه بل بسبب عادات و تقاليد ترّبى عليها و مشاهد طُبعت في ذهنه فأراد ان يقلّدها
و ان هذه المشكلات قد تكون متعددة الأشكال و منها الشتائم ، الشتائم في المدرسة و الذي يؤدي الى نقاشات حادّة بين الأصدقاء فيسمع الطفل شتائم يردّدها والديه و يحفظها و يقولها في المدرسة ما يؤدي الى معاقبته لفظياً من قبل اساتذته و ينظر اليه اصدقاؤه نظرةً سيئةً و ان هذه المشكلة تتفاقم في المدارس ليس بسبب التلامذة بل بسبب اهلهم الذين اكتفوا بتعليم اولادهم على العادات و التقاليد و تربيتهم كما يعلمون و لن يفكّروا يوماً بأخذ الحيطة و الحذر تجاه اولادهم عندما يستعملون العبارات المقززة و الشتائم فإنتقال الكلمات و الألفاظ جيدّةً كانت ام سلبيةً هي في التأثير عينه كإنتقال العادات و التقاليد . التنمر تعّد مشكلة اخرى يرثها الأبناء عن اهلهم فيمارسونها في الأماكن العامة ، فالعيش في منزلٍ مع ابٍ و ام يؤمّنون الأشياء الثمينة دون ان يلقنّون ابناؤهم دروساً في احترام الذات و الآخر هو الدافع الأول لبناء شخصية متنمرّة و ساخرة فعندما يذهب الابناء الى المدرسة و يقابلون اصدقاءاً يرفضون البعض و ذلك نتيجةً للنظر اليهم نظرةً سيئةً و ساخرةً و هذه النظرة قد تأتي بسبب اختلاف الأشياء بين بعضهم البعض كإرتداء الملابس مثلاً اي ارتدائهم لملابسَ باهظة الثمن و جميلة يدفعهم للسخرية و التنمرّ على ملابس الآخرين فلا يعلمون ظروفهم و ما يمرّون به ، و هذا التصرّف ليس مشكلتهم بل مشكلة اهلهم الذين غُرِقوا في المظاهر و تأمين العيش اللائق و اهملوا تربيةَ اولادهم ، و ايضاً المظهر الخارجي من ناحية الشكل اي التنمر على الآخرين اذا كانوا يعانون من اعاقةٍ ما ، او حتى من امراضٍ يعانون منها منذ الولادة ، فلا يعلّم الأهل اولادهم بأن لكلّ انسانٍ مشكلاته و عيوبه و ظروفه و لا يعلّمونهم على احترام الآخرين و تقبلّهم مهما اختلفوا ! من المشكلات الأخرى " النزاعات و الاشتباكات و الضرب " و التي يتأثر بها الأبناء بشكلٍ شاسعٍ و التي يلتقطونها من المنزل فإن شاهد الأبناء المشكلات الزوجية بين والدتهم و والدهم و التي تؤدي في اغلب الأحيان الى العنف الزوجي و الضرب قد تأثروا بذلك الفعل و ترسّخ مشهده بالذاكرة فيرغبون بممارسته و يمارسونه في الأماكن العامة ففي الصغر قد يمارسونه على اصدقائهم دون ان يعلمون مخاطره و عندما يكبرون يٌصبح الضرب و العنف عادةً يمتلكونها فيستعملونها لحلّ النزاعات و الدفاع عن النفس و لا يحلّون مشكلاتهم بالطرق السلمية و هذه الشخصية قد يكون السبب وراء تكوينها الأهل الذين لم يفكرّوا بأن ابنائهم قد يتأثرون بتلك الأعمال الوحشية و لم يستطيعون حل جدالاتهم بهدوءٍ و صبرٍ و تفاهمٍ !
خلاصة القول ، الشخصية و سماتها قد يرثها الأبناء عن اهلهم سواء كانت سلبيةً ام ايجابيةً لذلك يضطر الناس لتقبلّ بعضهم البعض فيما يواجهون في كلّ يومٍ مجتمعٍ متعددّ الأشكال و يدخلون في نزاعات و اشتباكات و يحاولون الخروج منها بشتّى الطرق ، فعلينا دوماً ان نعلم بأن الانسان لم يقررّ شخصيته و لم يقررّ من هو ، بل ربما التأثير قد يقوى عليه في كل مرةٍ و يجعله يمتلك عادات تصبح جزءاً من ذاته فيمارسها و تستمر معه طيلة حياته