انشأت منصة تيكتوك منذ سنواتٍ مفرغة من التقنياتِ و الأفكار التي تجذب الناس لمتابعتها.
25 سبتمتبر 2023
انشأت منصة تيكتوك منذ سنواتٍ مفرغة من التقنياتِ و الأفكار التي تجذب الناس لمتابعتها.
مرّت سنواتٍ طويلةٍ، انتشر وباء كورونا و أُقفلت البلاد و التزمت بالحجر الصحي. هنا ما كان على الناس سوى إنشاء حساب على تيكتوك للاستفادة من محتوياتهم التي يقدمونها كي يجنوا المال حيث إن على تيكتوك عندما تلتزم بمحتوى معينٍ وتبدأ بنشر فيديوهات تخص المحتوى الملتزم عليه تجني مالاً على كل فيديو خصوصاً إذا كان قد نال نسبة مشاهداتٍ مرتفعةٍ.
استغلت منصة تيكتوك الوضع هذا و قررت البدء بمنح المستخدمين حق البث المباشر و في البث المباشر تحدياتٍ مشتركةٍ مع خصمك الآخر الذي ينضم إليك في اللايف، أُدخلت فكرة الأسود و الألعاب و التحديات بلا نهايةٍ.
تحدياتٍ قد تكون فارغةً أي بلا معنى في معظم الأوقات و تجعل الناس يخرجون عن طبيعتهم فقط لجني المال فأصبح التواصل الاجتماعي هو من يتحكم بنا. ملايين الحسابات تُنشر على تيكتوك يومياً و بلا توقفٍ. حسابات قد تكون محتوياتها مفيدةً للناس أما حسابات أخرى قد تكون محتوياتها مضيعةً لوقتهم. لكن الأفكار قد تتعدّد سواء كانت مفيدةً أو غير مفيدة لأن الهدف واحد "جني المال". مع الأيام تزداد المحتويات. فهناك من يقدم محتوى ثقافي و هناك من يقدم محتوى خالياً من الثقافة و يخرج عن طبيعته و يتخطى حدوده.
كما نلاحظ حسابات تنشر محتويات خالية من الأخلاق و تنشر معها صورتها و شرفها لكي تلفت الأنظار تربح المال و صحيحٌ أنها تحقق هدفها و تحصل على المال لكنها لا بد من أن حملات التنمر قد تُشن عليها فهي من أرادت هذا و لربما نحاول أن نصل إلى حل فيما خص موضوع التنمر لكن وحدهم الناس الذين يلتحقون وراء الثقافة الفارغة هم من يعيد للمجتمع مشكلة التنمر و تتفاقم بسببهم.
فلن أشاهد يوماً فيديو مضحكاً إلا و تكن التعليقات عليه مليئةً بالشتائم والتنمر والكراهية. ممكن أن يكون السبب وراء الفيديو طبع الإنسان و "خلقة ربنا" لكن التحلّي بالطبيعة و عدم وجود الأمراض عند البعض ليس عليه أن يبدّل فقط لجني المال لأن من تحلّى بصحة جيدة و طبيعة راقيةٍ يملك كنزاً كبيراً! فهو إذ نشر فيديو مضحكاً يجعل الناس ينهالوا بالضحك عليه فقط لكسب المال قد تخلّى عن عقليته الثرية و فهمه و استسلم لأنانيته و مادياتِهِ و للناس المتنمرة و لا اتوقّع أن المشاهد قادراً على تملّك نفسه فهو مشاهدٌ و ناقدٌ و له الحق في انتقاد ما يراه إيجابياً كان أم سلبياً.
اذا، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي هي من تتحكم بنا. التطوّر جميل لكن بلا أن يتخّطى الحدود لأن نشر الشرف و الخروج عن الطبيعة و التحلّي بقلة العقل ليس تطوراً بل انحرافاً وطمعاً بالمال.
ولمن يريد أن يقدم محتوى على التيكتوك فلينشر مستوى ثقافياً و مفيداً للمشاهد. فمن قال أن الثقافة لا تفوز؟ الثقافة تفوز و تنتصر على الجهل لأن وحدها الثقافة هي من تساهم في تطوّر المجتمعات و تقدّمها. و في نهاية المطاف الثقافة ستبني المجتمع و ليس الجهل. لأن الجهل سيبقي المجتمع على فطرته الأولى يسّن لنفسِهِ ناموسِهِ الطبيعي.