25 ابريل 2025
بينما خلدت الذاكرة المصرية انتصار السادس من أكتوبر كأعظم إنجاز عسكري في العصر الحديث، فإن استرداد كامل التراب الوطني المصري، وعلى رأسه "طابا"، لم يكن ليكتمل لولا المعركة الدبلوماسية التي قادها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بحنكة وحزم، لتُكتَب صفحة جديدة من النضال الوطني، لا بالسلاح هذه المرة، ولكن بالقانون والسياسة.
من قائد ضربة جوية إلى قائد دولة
في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، كان مبارك قائدًا للقوات الجوية، واشتهر بتخطيطه وتنفيذه لـ"الضربة الجوية الأولى"، التي مهدت لعبور القوات المسلحة قناة السويس وتدمير خط بارليف، والتي شكلت لحظة فارقة في تاريخه العسكري والسياسي، حيث اختاره الرئيس السادات بعدها نائبًا له عام 1975.
الرئيس يستكمل التحرير
عقب اغتيال السادات في 1981، تولّى مبارك الرئاسة في ظرف دقيق، واستطاع أن يضمن استقرار الدولة ويواصل تنفيذ اتفاقية السلام مع إسرائيل، التي نصت على انسحاب كامل من سيناء. وبالفعل، شهد عهده استرداد الأرض على مراحل، وكان يوم 25 أبريل 1982 شاهدًا على انسحاب القوات الإسرائيلية ورفع العلم المصري على أرض سيناء
معركة طابا... السيادة بالقانون
لكن لم تكتمل فرحة التحرير، إذ رفضت إسرائيل الانسحاب من طابا، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع. رفض مبارك أي حلول وسط، وأصر على أن مصر لن تفرط في حبة رمل واحدة. فاختار التحكيم الدولي سبيلاً، لتنتصر مصر مجددًا بحكم نهائي في عام 1988، يقضي بعودة طابا.
وفي 19 مارس 1989، رُفع العلم المصري على طابا في مشهد أبكى الوطنيين، ووثق انتصارًا جديدًا حققه مبارك بالحكمة والتمسك بالحقوق
تعمير سيناء... الرؤية المستمرة
لم يكتف مبارك باستعادة الأرض، بل بدأ في مشروعات لربط سيناء بالوادي، مثل إنشاء نفق الشهيد أحمد حمدي، والاهتمام بتطوير البنية التحتية في مدن سيناء، تعزيزًا للوجود البشري والتنمية المستدامة.
الرجال خلف الكواليس... أبطال المعركة الدبلوماسية
لم يكن الرئيس مبارك وحده في معركة استرداد طابا، بل ساندته كتيبة من العقول الوطنية، التي أدارت ملفات شائكة بحرفية واقتدار. ومن أبرز هؤلاء:
الدكتور مفيد شهاب: أستاذ القانون الدولي، وأحد أبرز أبطال معركة التحكيم الدولي.
السفير نبيل العربي: شارك ضمن الفريق القانوني المصري، وتميّز بدقته التفاوضية.
السفير أحمد أبوالغيط: دعم الملف المصري في الأمم المتحدة، وكان جزءًا من الجهاز الدبلوماسي.
اللواء محمد بسيوني: الملحق العسكري في تل أبيب، وواكب تطورات الملف ميدانيًا.
الفريق كمال حسن علي: وزير الخارجية وقتها، وأدار التنسيق السياسي والأمني باحترافية.
هؤلاء شكّلوا جبهة وطنية دبلوماسية، رفعت راية مصر وأكدت أن السيادة لا تُنتزع فقط بالقوة، بل تُثبت بالحق والمنطق والحكمة.
خلاصة
ربما يختلف البعض حول سياسات حسني مبارك، لكن الجميع يتفق على أن الرجل كان رجل المرحلة في معركة الدبلوماسية المصرية لتحرير سيناء.
فقد حافظ على كرامة الدولة المصرية، وأثبت أن الوطنية لا تقتصر على جبهات القتال، بل تمتد إلى ساحات القانون والعقل السياسي.