تشهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الآونة الأخيرة سلسلة كبيرة من التوترات الحادة على المستويين الداخلي والخارجي، وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وتدهور العلاقات مع بعض القوى الإقليمية والدولية
09 ابريل 2025
تشهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الآونة الأخيرة سلسلة كبيرة من التوترات الحادة على المستويين الداخلي والخارجي، وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وتدهور العلاقات مع بعض القوى الإقليمية والدولية. وتأتي هذه التوترات في وقت حساس تمر فيه المنطقة بتغيرات جيوسياسية متسارعة ، ما يجعل إيران محورًا للأنظار والمواقف المتضاربة.
أولاً: التوترات الداخلية — غضب الشارع ومأزق السلطة
تشهد المدن الإيرانية موجات متكررة من الاحتجاجات الشعبية، كان آخرها بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وارتفاع الأسعار، ونقص المواد الأساسية، بالإضافة إلى أزمة العملة المحلية أمام الدولار.
وتتزامن هذه التوترات مع استمرار التضييق على الحريات العامة، واعتقال الناشطين السياسيين والصحفيين، ما يثير استياءً واسعًا داخل الأوساط الشعبية. كما أن تداعيات وفاة الشابة "مهسا أميني" لا تزال تلقي بظلالها على الوضع الداخلي، حيث مثلت تلك الحادثة نقطة تحول في العلاقة بين النظام والجيل الشاب.
ثانيًا: تحديات اقتصادية خانقة
تعاني إيران من عقوبات أمريكية وأوروبية مشددة منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي في 2018، ما أدى إلى شلل في العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة النفط والبنوك. ورغم محاولات طهران للالتفاف على هذه العقوبات عبر التعاون مع الصين وروسيا، فإن آثارها واضحة في تراجع القدرة الشرائية وازدياد نسب الفقر والبطالة.
ثالثًا: التوترات الخارجية — علاقات معقدة وصراعات متشابكة
على المستوى الخارجي، تزايدت حدة التوتر بين إيران وعدد من الدول الغربية على خلفية برنامجها النووي، حيث تسود حالة من الجمود في مفاوضات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي. وتتهم الدول الغربية إيران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم بنسب مرتفعة قد تقربها من امتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران.
في الجبهة الإقليمية، لا تزال إيران طرفًا مؤثرًا في صراعات عدة، من اليمن إلى سوريا ولبنان والعراق، حيث تُقوم بدعم الميليشيات المسلحة التي تعمل بالوكالة عنها، ما يثير قلق دول الخليج وإسرائيل. وقد زاد هذا التوتر بعد الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل في الأشهر الأخيرة، والتي شملت عمليات اغتيال وهجمات سيبرانية.
رابعًا: الرهانات المستقبلية — بين الانفتاح والمواجهة
إيران تقف اليوم عند مفترق طرق: فإما أن تختار تهدئة الأوضاع من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات بجدية، وتحقيق انفتاح داخلي يخفف من حدة الاحتقان، أو الاستمرار في سياسة المواجهة، ما قد يؤدي إلى مزيد من العزلة والانفجار الاجتماعي.
ورغم التصريحات الرسمية التي تؤكد على "الثبات والصمود"، إلا أن الواقع الداخلي يكشف عن هشاشة واضحة، وتململ شعبي آخذ في التوسع، قد يشكل تحديًا وجوديًا للنظام إن لم يتم التعامل معه بحكمة واستباقية.
وفي الخنام فإن التوترات المتصاعدة داخل إيران وخارجها تعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد، وتجعل من المرحلة المقبلة محكًا حقيقيًا لقيادة النظام الإيراني في كيفية إدارة الأزمات المتشابكة، وسط ضغط دولي متزايد وشعب ينشد التغيير.