06 ابريل 2025
تشهد الأوساط القانونية والاجتماعية في مصر حالة من الترقب والانتظار لإقرار قانون الأسرة الجديد، الذي يُنظر حاليًا أمام مجلس النواب. يأتي هذا القانون ليُحدث تغييرات جذرية في العديد من القضايا الحساسة المتعلقة بالأسرة المصرية، بدءًا من إجراءات الزواج والطلاق، مرورًا بحضانة الأطفال والنفقة، وصولًا إلى مسائل الرؤية والاستضافة، وتقدم بوابة "حياة نيوز" الإخبارية تفاصيل القانون وإقراره في التقرير التالي:
موعد الإقرار
على الرغم من الاهتمام الكبير الذي يحظى به قانون الأسرة الجديد، لا يزال الموعد النهائي لإقراره غير واضح المعالم بشكل قاطع. تشير بعض التوقعات إلى إمكانية الانتهاء من مناقشات القانون وإقراره خلال دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب، بينما يرى آخرون أن طبيعة القضايا الشائكة التي يتناولها القانون قد تستدعي مزيدًا من الوقت والتمحيص قبل التصديق عليه بشكل نهائي. وتؤكد مصادر برلمانية على أن المجلس يولي هذا القانون أهمية قصوى، ويحرص على إجراء حوار مجتمعي شامل لضمان خروج قانون متوازن وعادل يراعي مصالح جميع أطراف الأسرة.
أبرز التعديلات
تتضمن المسودة الحالية لقانون الأسرة الجديد عددًا من التعديلات الهامة التي تهدف إلى معالجة الإشكاليات والثغرات التي كشف عنها تطبيق القانون الحالي على مدار السنوات الماضية. من بين أبرز هذه التعديلات:
تنظيم إجراءات الطلاق: يُتوقع أن يشهد القانون الجديد تنظيمًا أكثر دقة لإجراءات الطلاق، بما في ذلك محاولة الصلح الإلزامي وتحديد مدد زمنية واضحة للفصل في الدعاوى.
تعديلات في نظام الحضانة: تُعد قضية حضانة الأطفال من أكثر الملفات حساسية في قانون الأسرة. تشير التسريبات إلى توجه نحو منح الأب حقًا أكبر في الحضانة المشتركة أو الاستضافة المنتظمة، مع التأكيد على مصلحة الطفل الفضلى كمعيار أساسي في تحديد الحاضن.
تحديد آليات واضحة للنفقة: يسعى القانون الجديد إلى وضع آليات أكثر وضوحًا وشفافية لتقدير قيمة النفقة، بما يضمن حصول المطلقات والأطفال على حقوقهم بشكل عادل وسريع، مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات الاقتصادية.
تيسير إجراءات الرؤية والاستضافة: من المتوقع أن يتضمن القانون الجديد تسهيلات أكبر لحق الطرف غير الحاضن في رؤية واستضافة أطفاله، بما يعزز الروابط الأسرية ويقلل من النزاعات القضائية في هذا الشأن.
مواجهة الزواج المبكر: يُولي القانون اهتمامًا خاصًا بمكافحة ظاهرة الزواج المبكر، من خلال تشديد العقوبات على المخالفين ووضع آليات وقائية للحد من هذه الممارسة الضارة.
دوافع الإصلاح
تأتي هذه التعديلات استجابة لمطالبات مجتمعية وقانونية متزايدة بضرورة تحديث قانون الأسرة الحالي، الذي مضى على العمل به عقود طويلة وشهد العديد من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية. من أبرز الدوافع وراء هذه التعديلات:
معالجة المشكلات الواقعية: يهدف القانون الجديد إلى حل المشكلات العملية التي تواجه الأسر في المحاكم، مثل طول أمد التقاضي في قضايا الطلاق والحضانة والنفقة، وتضارب الأحكام، وصعوبة تنفيذها.
تحقيق العدالة والمساواة: يسعى القانون إلى تحقيق قدر أكبر من العدالة والمساواة بين أفراد الأسرة، مع مراعاة حقوق كل طرف وتوازن المصالح.
مواكبة التطورات المجتمعية: يهدف القانون إلى التكيف مع التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري، مثل ارتفاع معدلات الطلاق، وتزايد الوعي بحقوق المرأة والطفل، وظهور أنماط أسرية جديدة.
تطبيق الاتفاقيات الدولية: يتماشى القانون الجديد مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة.
التأثيرات الاجتماعية
يحمل إقرار قانون الأسرة الجديد في طياته تأثيرات اجتماعية واسعة النطاق، من أبرزها:
تحسين أوضاع المطلقات والأطفال: من المتوقع أن يساهم القانون الجديد في تحسين الأوضاع المعيشية للمطلقات والأطفال من خلال ضمان حصولهم على النفقة بشكل أسرع وأكثر عدالة، وتيسير إجراءات الحضانة والرؤية.
الحد من النزاعات الأسرية: يُأمل أن يؤدي وضوح الإجراءات والقواعد القانونية الجديدة إلى تقليل النزاعات والخلافات الأسرية التي تصل إلى ساحات المحاكم.
تعزيز دور الأب في تربية الأبناء: قد يؤدي منح الأب دورًا أكبر في الحضانة والاستضافة إلى تعزيز مسؤوليته ومشاركته في تربية الأبناء.
الحد من الزواج المبكر: من شأن تشديد العقوبات والآليات الوقائية أن يساهم في الحد من ظاهرة الزواج المبكر وحماية الفتيات.
إحداث تغيير في المفاهيم المجتمعية: قد يساهم النقاش العام حول قانون الأسرة الجديد في إحداث تغييرات إيجابية في المفاهيم المجتمعية المتعلقة بالزواج والطلاق وحقوق أفراد الأسرة.
يبقى قانون الأسرة الجديد محط أنظار المجتمع المصري، الذي يأمل أن يُسفر عن قانون عصري وعادل يحقق الاستقرار الأسري ويحمي حقوق جميع أفرادها. ومع استمرار المناقشات داخل أروقة البرلمان، تتزايد التساؤلات حول الشكل النهائي الذي سيتخذه القانون وتأثيراته المستقبلية على المجتمع.