27 نوفمبر 2024
يبقى ترامب أخطر رؤوساء أمريكا على القضية الفلسطينية، والقضايا العربية ككل،
وهو ماوضح بقوة خلال ولايته الأولى، وحزمة القرارات التي اتخذها تجاه دعم إسرائيل،
وأهمها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها،
وهو القرار الذي لم يجرؤ عليه أي رئيس أمريكي سابق الإقدام على في قطيعة وصلت إلى 7 عقود،
وتبعها ترامب بالإتفاق الإبراهيمي الذي جمع بين إسرائيل والإمارات والبحرين،
على طريق التطبيع الكامل بين عاصمتين عربيتين وتل أبيب، ووصف ترامب الحدث بأنه "يوم غير عادي للعالم، سيضع التاريخ في مسار جديد"،
وأشاد بما سماه "فجر شرق أوسط جديد".
"فجر شرق أوسط جديد" عبارة ربما يراها كثيرون عابرة قالها ترامب بعد إبرام الاتفاق،
إلا أنها في جوهرها تحمل في طياتها الكثير، فترامب سعى بقوة في ولايته الأولى تشكيل شرق أوسط تذوب معه القضية الفلسطينية،
واستبعاد حل الدولتين من أي تسويات قادمة بشكل نهائي، مع استمالة بعض العواصم العربية
لهذا التوجه القاضي تمامًا على حل مُنصف للقضية الفلسطينية بما يتسق وقرارات الشرعية الدولية،
في الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو لهذا الخيار بكل قوة، منذ تواجد في رئاسة الحكومة الإسرائيلية على فترات في العقدين الآخرين.
مجئ ترامب في ولاية ثانية جاء بمثابة طوق النجاه لرئيس الوزراء الإسرائيلي،
بعد أن تدنت شعبيته بعد عملية حماس الجريئة والناجحة في 7 أكتوبر 2023،
وهذا رغم صعود نجمه ثانية بنجاحه في عدة اغتيالات متتالية طالت قادة حماس وحزب الله،
وهو ما لم يكن يحلم به في وقت وجيز أن يتخلص من خالد مشعل، وحسن نصر الله في غضون شهور قليلة،
لتأتي عودة ترامب لتنعش آماله في تشكيل شرق أوسط جديد، بهيمنة إسرائيلية مطلقة شريطة أن تنضم عواضم عربية أخرى لقطار التطبيع،
وهذا في ظل تراجع قوى إقليمية مؤثرة في المنطقة، ربما لعبت أمريكا دورا بارزا في تراجع هذه الأدوار منها عواصم عربية،
في القوت الذي أوكلت لبعض عواصم عربية أخرى دورا في ترتيب أوراق المنطقة لم يسبق لها أن لعبت أي دور ولو صغير.
مخطط نتنياهو الذي يدعمه بقوة ترامب منذ ولايته الأولى، يأمل أن يعود للواجهة من جديد،
مع تمنيات ربما تتحول لواقع بإنضمام المملكة العربية السعودية لقطار التطبيع وعواصم عربية أخرى، وليست خليجية فقط.
المخطط الأمريكي الذي يتبناه، هو ترسيخ للوجود الإسرائيلي في المنطقة، سياسا واقتصاديا وثقافيا،
وهذا باندماج الدولة اليهودية في الشرق الأوسط، دون وجود لدولة فلسطينية، وهو مخطط، سيسعى ترامب لانجازه بقوة، خلال ولايته الثانية،
وقد يساعده على تحقيقه، الأزمات التي تمر بها المنطقة على الصعيد العربي، في ظل غياب القرار العربي الموحد،
والذي قد يستطيع ترامب توحيده في غير صالح القضية الفلسطينية.