19 نوفمبر 2024
لم يكن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، رجلا صاحب خلفية سياسية تتسم بالعمق، وقراءة الأحداث بشكل صحيح دائما، بل كان رجلا يحمل بداخله ابن القرية الأصيل المتمسك بقيم وأخلاق أجداده ممن سبقوه من فلاحي مصر العظام،
وهو ما أعطاه مساحة واسعة يتحرك فيها، مبينا شخصية المصري الحقيقية التي مستمدة من أخلاق القرية، وهو ما ساعده في الوصول إلى قلب كل مصري ومصرية بسهولة على مدار فترات حكمه على مدار إحدى عشر عاما،
خاصة أن من سبقه في حكم مصر كان الزعيم الراحل عبدالناصر ذا كاريزما هائلة، فرضتها فترة زمينة كانت تحتاج لزعيم في مثل مواصفاته،
فالتف المصريين من حوله حتى رحيله، لكن مع كل هذا التفوق إلا أن السادات ذهب لمكانه أهم وأقوى بين المصريين.
نجاح السادات لم يتوقف عند ذلك، بل بلغ عنان السماء، عندما قاد المصريين وقواتهم المسلحة إلى تحقيق نصر أكتوبر المجيد، وإنزال أحد أهم الهزائم العسكرية بجيش العدو الصهيوني،
وهذا بعد خطة خداع استراتيجي قادها السادات بنفسه، عجزت أمامها المخابرات الأمريكية الــ(سي آي إيه) والموساد، وهي هزيمة أخرى اعترفت بها جولدا مائير، بعدما صدر لهم الرئيس الراحل، أن مصر مترهلة ولن تحارب على الأقل في المنظور القريب،
وهو ما اقتنع به العدو ليفاجأ بالضربة القاضية، "أفقدت العدو توزانه في 6 ساعات"، كما كان يحب السادات أن يقول في خطاباته.
النصر العظيم الذي تحقق على يد الرجل ورجال القوات المسلحة، جعله يقترب من المصريين أكثر، ويغوص في بحر العائلة المصرية، ويبحر في أدق تفاصيله،
فمرة يلقي خطاباته مرتديا بدلته الأنيقة، ومرة مرتديا بزته العسكرية، وأخرى ضيفا تلفزيونيا مرتديا الجلباب البلدي المصري الشهير، ولما لا وهو الذي سبق له أن عمل حمالا على "عربة لوري"،
فقد كان رحمه الله يعتبر نفسه مصري من قاع المجتمع، وفي كتابه "البحث عن الذات" يقول عن نفسه: "أنا أنور السادات فلاح نشأ وتربى على ضفاف النيل، حيث شهد الإنسان مولد الزمان"،
وهذا يعكس إيمان الرجل بمصريته، وانتمائه لهذا الشعب، ليكون أحد أهم القادة الأفذاذ الذين مروا على حكم مصر عبر تاريخها القديم والحديث،
ولاثمة مبالغة إذا قلنا أن الرجل لم يأخذ حقه من التقييم الحقيقي من الباحثيين والمؤرخين، لكن حتما سيبقى التاريخ هو مُنصفه الحقيقي..
رحم الله أحد رجال مصر المخلصين.