حرب فلسطين عندما حدثت كان الشيوعيين المصريين مع اليهود لأنهم كانوا مخدوعين بعدالة القضية الصهونية ليس فقط هم، لكن أيضا طه حسين جمع تبرعات لتهجير اليهود لفلسطين
18 مايو 2024
رغم أننا نعيش أزهى عصور التحول الرقمي وثورة تكنولوجيا المعلومات، وحرية تبادل المعلومات خاصة في ظل مواقع التواصل الاجتماعي التي كشفت ما كان يتم التعتيم عليه بصد أوبدون قصد، إلا أننا مازلنا نستكشف الكثير والكثير من حقائق الماضي القريب والتي لطالما كنا مخدوعين فيها أو مغيبين أو مضللين، وأكثر من خدعنا فيهم هم طبقة النخبة من المثقفين المصريين الذين أداروا الحركة الثقافية لقرن من الزمان، وصاغوا العقول ووجهوا الرأي العام في قضايا كبيرة معقدة، ولا ننسى منهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين بعطائه وبصمته الأدبية الواضحة، الذي قد يكون صحيا ومفيدا لأجيال المستقبل الوقوف على هذا العطاء وفهمه وتأويله وغربلته إذا صادف وجود شوائب أو بعضا من السم في معسول كلامه وانتاجه الفكري والأدبي، فمن الآن وصاعدا يجب أن نعيد قراءة وفهم ما بين سطور كثير من الكتب والأراء والتصريحات التي خرجت من كثير من المثقفين المصريين أمثال طه حسين واحمد أمين، وأنيس منصور ومحمد حسنين هيكل، وغيرهم كثيرين.
وأتوقف في هذا المقال أمام عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي تذكرت في شأنه هذه الأيام وفي ظل الهجمة الشرسة على الدين من قبل قامات كبيرة من الصحفيين واالمثقفين كنا نظنهم محبين لدينهم منتمين لوطنهم، لكن اتضح ما يدعوا للشك في دينهم وأفكارهم، ويحق لي الحديث عن كثير منهم، بل انا أجدر من يتكلم عنهم ويكشف حقيقتهم، إذ أني مارست العمل الصحفي والبحثي والفكري لأكثر من 25 عاما التقيت فيها بقامات كبير وعملت مع صحافيين بارزين خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وكنت خلال تلك السنوات قد التقيت مرات عديدة بخبير الأمم المتحدة وعالم الاجتماع الراحل الدكتور أحمد المجدوب الذي كان خبيرا في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قبل تقاعده المهني، وذلك لأخذ تصريحات صحفية منه.
كان المجدوب شاهدا على عصور عدة حيث ولد وعاش طفولته أيام الملكية وعاش حلم وارهاصات ثورة يوليو، وتخرج وعمل كباحث في المركز القومي سالف الذكر في عهد عبد الناصر وعاصر السادات ومبارك إلى ان توفاه الله في أواخر 2007، ومن بين ما حكاه لي المجدوب وهو أمين ومصدر ثقة كعالم وكمصدر علمي وتاريخي يجب الوقوف على كثير مما حكاه لي ولغيري من احداث تاريخية كبيرة وهامة في تاريخ مصر والعرب، ومن أغرب ما سمعته منه ولا أشك لحظة في صدقه، في معرض حديثه عن انتشار الشيوعية في مصر في منتصف القرن الماضي، "الشيوعية فى مصر اللى عملها هنرى كوريل يهودى صهيونى وليست نتاج مصرى، بالاضافة إلى أن حرب فلسطين عندما حدثت كانت الشيوعيين المصريين مع اليهود لأنهم كانوا مخدوعين بعدالة القضية الصهونية ليس فقط هم لكن أيضا طه حسين جمع تبرعات لتهجير اليهود لفلسطين .. كان أيامها الفكرة الوطنية ليست واضحة الوضوح الكافي وكان كل تركيزنا على مسألة الجلاء، لكن انتماءنا العربى كان ضده طه حسين ولطفى السيد، لاننا نتمنى لجنس البحر الابيض المتوسط فلسنا عرب" انتهى كلام المجدوب رحمه الله.
ودون الدخول في تفاصيل والخوض في نوايا وأفعال الدكتور طه حسين، لأني لم أعيشها ولم أعاصره ولن اجرح فيه أو انتقده وهو بين يدي الله أولى به مني وهو أحكم الحاكمين، لكن إذا كنا نعيش في مرحلة تيه وتخبط فكري واجتماعي وبدأنا نكتشف زيف ما كنا نعتبره حقائق علمية وتاريخية واتضح لنا أنها مفبركة عن عمد من قبل قوى خفية تتحكم في العالم بشكل سري، فيجب أن نطلب ممن يعيش بيننا من شهود العيان على تلك الفترة أن يدلوا بدلوهم وليؤكدوا أو ينفوا عن الدكتور طه حسين تلك التهمة التي لا نفهم سببها، وما إذا كان تمت له عملية غسيل مخ أثناء فترة إقامته وبتعاثه إلى فرنسا ثم زواجه منها، فانقلب على موروثه الديني والفكري والأخلاقي؟
وهناك سؤال أخر يخص عميد الأدب العربي من الناحية الفكرية، وبالعودة إلى تلك الفترة والصحوة الفكرية والاسلامية، هل كان اليهود أولى بالدعم وجمع التبرعات لتهجيرهم إلى فلسطين واغتصاب أرض ليست أرضهم واستيطان واستعمار بلد مستقبل بالقوة والتأمر؟ ألم تتعلم في الأزهر الذي أرسلك لتتعلم في ابلخارج في أي من فروع العلم الشرعي والديني العلاقة التاريخية بين المسلمين واليهود والعداء الأبدي بينهم والذي يصر اليهود عليه إلى قيام الساعة؟
ننتظر من أي صحفي مجتهد ومحب للدكتور طه حسين وللدين الاسلامي ولعروبته ووفي للقيم الانسانية، أن يفتح هذا الموضوع للنقاش وينقب وسط الكتب أو يبحث عن شهود عيان يؤكدوا أو ينفوا تلك التهمة عن طه حسين.