22 مارس 2024
لست ممن يحبون التعرض لأشخاص، ولا أهوى الحديث مطولًا عن العمائم حتى لا أقع في حرج معهم، وأيا ما كان فإنه مع خوضهم لـ «ملذات التريند»، بات لزامًا أن يكون أطراف الحديث متبادلة،
وكما سبق وأن عقبت على تصرفات البعض فإنه وجب أن يكون لي وقفات مع حديث الدكتور محمد أبوعاصي أستاذ التفسير بالأزهر، عن الإسلام والقول بشمول أتباع غير هذا الدين الخاتم.
ولا عجب أن توافق مزاعم «أبوعاصي» أقوال الفنانة لقاء الخميسي عن كون المسيحي «مسلم» وأنها تصلي صلاتهم المتشابه مع الإسلام،
ورغم ما يقال لم يطرح أيًا من المفسرين اسمًا بديلًا للإسلام الذي نتبعه ونتوهم أننا متفردين به منذ البعثة النبوية لرفع اللبس؛
وقد أراه المحمديون كما عهدناه من وصف الغربيون لنا.
وبداية، فإن في تأدب الشيخ الشعراوي مع القرآن- رغم فصاحته وقوة بيانه- اكتفى بلفظ الخاطرة في نهج ينبغي أن يفرض الاقتداء على من هم دونه، أما أن يكون لهذا «العاصي» تفسيره وتأويله المعيب فلنا معه وقفة، فعلى سبيل المثال يزعم أن «حصر معنى كلمة الإسلام في أنها الدين الذي جاء به سيدنا محمد، يجر التناقضات على القرآن»،
ما يتطلب الرد، خاصة أن هذا من باب تلبيس إبليس وهوى أقل ما يقال عنه بضاعة كاسدة؛ خسر من باعها وخاب من اشتراها، فإن حصر الإسلام في رسالة الحبيب المصطفى لا تحتاج براهين عليها لكن نجمل بعضها لـ غافل أو مداهن،
فقد وردت كلمة الإسلام في 6 مواضع من القرآن الكريم منها: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ»، الآية (19) من سورة آل عمران،
هل يجيد قراءة أو يعرف بيان لهذا الذكر القرآني الذي بين فارق بين الإسلام والكفر، وفي ثناياه ذكر لأهل الكتاب؟.
وفي السورة ذاتها: «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران»،
فهل يجد فيها إشارة للأديان السابقة؟، وماذا عن قوله سبحانه:«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، الآية رقم 3 من سورة المائدة.
كذلك أين هو من قوله تعالى: «فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ...» سورة الأنعام الآية 125،
فأي شرح وهديه يراها تنسب لدين من الأربعة الواردة في القرآن الكريم من يهودية، نصرانية، صابئة ومجوسية أم في دين النبي الخاتم؟!،
وفي سورة الزمر آية 22 يقول تعالى:«أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ»، وقوله تعالى:«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ»، سورة الصف آية37؛
فهل وجد في الآيات وثناياها خلاف لدعوة الحبيب المصطفى أم غابت عنه آية نفي انتساب الخليل إبراهيم لملة غير الإسلام وما فيها من انتفاء إتباع لليهودية أو النصرانية؟!.
أما في السنة فقد جاء من بين تعريفات الإسلام حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان وتحج بيت الله»،
وعنه صلوات الله وسلامه عليه قال:«الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتسليمك على أهلك، فمن انتقص شيئا منهن فهو سهم من الإسلام يدعه ومن تركهن كلهن فقد ولى الإسلام ظهره»،
فأي من أتباع الأديان الأخرى يفعله؟!، وأنَّ يكون الإسلام يشملهم في وضعهم الحالي منذ بعثة الحبيب المصطفى فأي منهم مسلم كما يزعم أبو عاصي وغيره من الذاهبين بالإسلام مذهب «التوجيب»؟!.
أين «أبو عاصي» وأقرانه من سؤال جبريل لـ النبي عن الإسلام، فقال:«الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا»؟!،
أين هم من الركن الثاني للإسلام المقترن بشهادة التوحيد والاتباع للرسول الخاتم؟!،
هل وجدوا في «التريند» شهوة تفوق إيمانهم بأن التجارة مع الله هي الرابحة وفي غيرها كسادًا وانحرافا وسوء منقلب؟!.
ختامًا لن أقف طويلًا أمام هؤلاء وأذنابِهم ممن رأوا الفلاح في الأموال وذهبوا بالدين في دهاليز ما سبقهم إليها سامري بني إسرائيل (مع ما صنعه من بقرة تعبد في قومه)، أو شياطين الإنس والجن وإنَ الله بما يعملون محيط.