05 مارس 2024
يعد التعليم عنصرا مهما إن لم يكن من أهم العناصر التي تساعد في بناء أي مجتمع متقدم،
فالتعليم هو حجر الأساس الذى تقوم عليه الدول الناهضة، فالأجيال التي تتلقى تعليما جيدا تستطيع بناء دولة قوية مكينة الأركان،
وسأُعرّج فى هذا المقال على نموذج تعليمى يعرف باسم مراكز التعليم المجتمعى.
وإذا ذكرنا مصطلح التعليم المجتمعى فنادرا ما نجد من يعرف ماهو ، أو يفهم ماهيته،
فالتعليم المجتمعى: هو نظام تعليمى مَرن يتْبع وزارة التربية والتعليم ، وهدفه إعطاء فرصة أخرى لمن تسرب من التعليم الأساسي بالعودة إلي التعليم مرة أخرى؛ حتى سن ١٤ سنة،
أو أولئك الأطفال الذين قد أغلقت المدارس النظامية أبوابها دونهم بحكم تعديهم السن القانونى للتقديم .
والمدارس المجتمعية: هى مدارس تقدم خدمات تعليمية جيدة عبر منهج تعليمى خاص بها،متعدد التقييمات والدرجات،
ويقوم بالعملية التعليمية بها معلمات فضليات مؤهلات لهذا الدور، ومسئول مشرف على هذه المنظومة بشكل توجيهى وإدارى تحت مظلة الإدارة التعليمية والمديرية التابعة لها،
هدفها خدمة فئة الأطفال غير المقيدين بالمدارس الحكومية في المناطق المحرومة من وصول الأطفال فيها للتعليم الابتدائي،
أى أنها فرصة لكل من حرم من حقه فى التعليم الأساسي لأسباب متباينة؛ إجتماعية كانت أو مرضية أو إقتصادية،
لأن الفقر أحد أهم العوائق الأشد رسوخا التى تحوُل دون الحصول على حقهم فى التعليم،
كما أنه يجب التنبيه بأن التعليم المجتمعى يختلف فى هيكله البنيوى ودوره التعليمى عن منظومة محو الأمية وتعليم الكبار،
لأن محو الأمية موجه لفئة عمرية أكبر سنا والذين هم فى حاجة للحصول على شهادة دراسية من أجل إيجاد فرص عمل أو مآرب أخرى ،
هذا النظام الذى نال شهرته الكبيرة من وجهة نظرى الخاصة بسبب تناول الدراما والأعمال الفنية له بكافة أنواعها المختلفة؛
فى حين لم يحظ التعليم المجتمعى بشهرة أو شعبية .
إن منظومة التعليم المجتمعى هدفها الأساسي الحد من أوجه العنصرية واللامساواة المجتمعية بتوفير بيئة تعليمية حاضنة وآمنة لهؤلاء الأطفال
ومن ثم دمجهم فيما بعد بالتعليم العام حتى التخرج من الجامعة، وللجميع أن يتخيل ما سوف يؤول إليه مستقبلهم من سوء وضبابية إذا لم يجدوا تلك البيئة المدرسية الحاضنة لهم .
إذن فالتعليم المجتمعى منظومة لها أهداف إنسانية سامية ونبيلة، وقد حثنا ديننا الحنيف على مساعدة طالب العلم،
فقد قال رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم "من أعان طالب العلم فقد أحب الأنبياء وكان معهم ".
ولكن للأسف، هذه المنظومة تواجه العديد من التحديات والعقبات والمعوّقات المعرقلة للتقدم ؛
تلك التى تَزيد وتتضاعف بدورها عن تلك المعوقات التى تواجهها الأنظمة التعليمية والتربوية فى بلدنا بشكل عام،
وهذا مثل توفير بنية تحتية ملائمة للمدارس المجتمعية القائمة بالفعل والرعاية المستدامة لها ،
وتلبية طلباتها ومستلزماتها اليومية والإدارية، وسد احتياجات الطلبة غير القادرين - وما أكثرهم - فى هذه المدارس، وتقوية كفاءات ومهارات معلمات مدارسها،
وكذلك توفير الأساليب التعليمية والأنشطة المحفزة التى تساعد الطلاب على عدم التسرب والبقاء فى مدارسهم بالتعليم المجتمعى،
وأيضا مواكبة الثورة التكنولوجية والرقمية المتسارعة تماشيا مع مدارس التعليم العام من أجل تنمية نواتج التعلم ومهاراته لدى هؤلاء التلاميذ ،
وكذلك رسم سياسات وخطط تعليمية ناجحة ومناسبة، وتوفير الموارد المادية والعينية لهذه المراكز التعليمية،
ولا أظن أن ذلك سيتحقق إلا من خلال شراكة ورعاية محلية وعالمية، محلية متمثلة فى مساعدات مؤسسات المجتمع المدنى المختلفة، والمؤسسات الاقتصادية الكبرى القادرة على الإنفاق،
وهذا تعزيزا لروح التعاون الوطنى وروح المشاركة الشعبية، مما يؤدى بدوره إلى زيادة الانتماء المجتمعى فى مصرنا الحبيبة.
ورعاية عالمية مستدامة من منظمات عالمية مثل منظمة اليونيسف، تلك المنظمة التى من أهم أهدافها الرئيسية توفير فرص تعليم جيد للأطفال فى شتى أنحاء العالم،
لذا نوجه أنظار مجتمعنا بأن هؤلاء الأطفال فى أمس الحاجة لمن يمد لهم يد العون والتعاطف الإنسانى وذلك ترسيخا وتأكيدا لروح العدالة الإجتماعية والمساواة الإنسانية، لنأخذ بأيديهم إلى مستقبل أرحب
ولنكون بقعة ضوء مرشدة فى عالم معتم، ولا نملك سوى أن نوجه وجدان الوعى الجمعى لأهمية تلك المنظومة عسى أن تنتبه قناعةٌ هنا أو يستفيق ضمير هناك.