الفساد شر وهو منكر وسمي كذلك لأن الفطرة السليمة تنكره
04 مارس 2024
الفساد شر ، وهو عبارة عن منكر ، وسمي كذلك لأن الفطرة السليمة تنكره ، ونقيضه المعروف ، وهو الخير الذي تعرفه هذه الفطرة .
و معلوم أن محاربة الفساد أو الشر المنكر في الإسلام يكون حسب المسؤوليات انطلاقا من مفهوم الحديث الشريف :» من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع بقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ».
فالمسؤولية في الإسلام حسب هذا الحديث الشريف تكون وفق الاستطاعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : » فإن لم يستطع « . وتنحصر الاستطاعة في القدرة على استعمال الجوارح وهي اليد واللسان والقلب . وكل جارحة تختص بقدرة معينة ، فاليد تختص بقدرة الفعل ، واللسان يختص بقدرة القول ، والقلب يختص بقدرة الشعور. وباعتبار هذه القدرات يفترض في الفطرة السليمة التي فطر الله عز وجل الناس عليها أن تعرف الخير ، وتنكر الشر وفقها . ولا تخلو في حال إنكارها الشر أو الفساد المنكر أن توظف الجوارح الثلاث بمعنى تقف من الفساد أو الشر المنكر بفعل أو بقول أو بشعور، أو بهم جميعا في بعض الحالات ،إذا ما توفرت القدرات الثلاث. ولا يعذر في الإسلام من لم يبلغ موقفه من الفساد درجة قدرته يدا أو لسانا أو قلبا بحيث لا يقبل من صاحب القدرة على الفعل أن يكتفي بما يقدر عليه اللسان أو يقدر عليه الشعور، لأن ذلك سيكون مخالفا للفطرة السليمة . ومعلوم أن من وقف من الفساد أو الشر المنكر دون ما يستطيع كان شريكا له سواء تعمد ذلك أم لم يقصده .
ومعلوم أن المتورط في الفساد بشكل من الأشكال المموهة إنسان فاسد بفعل تعامله مع من يمارسه عن قصد وسبق إصرار ،بل فساده أقبح لأنه متورط في الفساد سرا ، ومتظاهر بعكس ذلك في العلن ، وهو يركب ظهر الفاسد الممارس للفساد عن قصد وسبق إصرار ، وهو بهذا فاسد من عدة أوجه ، ولهذا كان فساده أشنع وأقبح وأفظع . وكذلك العالم بالفساد والمطلع عليه والساكت عنه مع امتلاك القدرة على فضحه أكثر فسادا من الذي يمارسه متعمدا ، وهو يفوقه عمدا لأن ممارس الفساد عمده واحد بينما الساكت عنه عمده مزدوج لأنه بمنزلة عمد الفاسد وزيادة . ولهذا ينعت الساكت عن الفساد بالشيطان الأخرس ، وهو أخطر من الشيطان المجاهر بالفساد لكونه يسكت عنه ، وفي سكوته خداع للناس . وكذلك شأن من لا يتحرك شعوره بإنكار الفساد عند حصوله ، لأنه يكون بذلك مطبعا مع الفساد ، وذلك يعني فساد فطرته إذ الأصل في الفطرة السليمة أن تنكر.